بيان عام بشأن الترجمة

بيان عام بشأن الترجمة

- تسافر اللغات مثل أوليس، فللترجمة دروب كدروب الحرير أو البهارات في سالف الزمان، تسافر فيها المصنّفات كل بحمولة متفاوتة. ولولا الترجمة لبقيت الكتب والمصنّفات في حجر ثقافي. أما لغة هذه الرحلة، رحلة نقل النصّ، فهي الترجمة بالتحديد.

كان أومبيرتو إيكو يقول إن الترجمة هي لغة أوروبا. بل الترجمة هي لغة البحر الأبيض المتوسط. بيد أن جميع الدراسات تبيّن أن هناك نقص كبير في الترجمة، فضلا عن التباين وعدم التماثل في تبادل اللغات في المنطقة الأورومتوسطية. صحيح أن البحر الأبيض المتوسط هو "بحرنا"، ولكن ما هي حال "لغتنا"؟ فما من تنوع ثقافي بدون تعدد اللغات، وما من حوار بين الثقافات بدون الترجمة.

تَمثُل أمام ضفتينا في البحر الأبيض المتوسط أخطار مشتركة، وعادة ما تولي دبلوماسياتنا والبيانات التي تصدرها القضايا الجغرافية السياسية الملحّة الأولوية، مخلفة الثقافة في المقام الثاني. إن "صدام الحضارات"، إذا ما افترضنا أنه قائم، فهو في المقام الأول "صدام نزع الحضارات"، إذ ليست لغة السلاح واللغة القاتلة بحاجة إلى الترجمة.

كانت منطقة البحر الأبيض المتوسط دوما منطقة تزخر بالمعارف وعمليات التبادل والنقل والخصب، لكن حرية تنقل المصنّفات والمبدعين والمواهب والذين يترجمونها باتت معرّضة للخطر بفعل النزوع إلى الانكفاء على الذات خلف الأسلاك الشائكة والنطق بلغة واحدة فحسب هي لغة الكراهية.

المترجمون هم ناقلو المصنّفات والمعارف الذين لا غنى عنهم، وهم همزة الوصل التي تضطلع بدور أساسي في بلورة ثقافاتنا، لذا فإننا ندعو إلى حشد الجهود دعما للاعتراف بهم ولتعليمهم وتنقلهم واستقبالهم في البلدان الأخرى.

الترجمة هي أحد العوامل الأساسية في صقل هوياتنا المشتركة، في إطار السياسة الجديدة الرامية إلى وضع برنامج ثقافي أورومتوسطي متحرك وطموح. وليس المطلوب تعميم لغة واحدة على الجميع بل انتفاع كل واحد منا باللغات.

لذا ندعو إلى رسم سياسة أورومتوسطية طموحة تعزّز ترجمة الأعمال وأوجه التعبير الثقافي. وثمة ضرورة ملحّة لنشر اللغات وترجمتها، وينبغي لجميع الجهات الفاعلة في سلسلة الترجمة المشاركة في هذه العملية، أي المؤلفين والناشرين والموزعين وبائعي الكتب والمكتبات والمؤسسات العامة والخاصة؛ كذلك الجهات الفاعلة الوطنية والاتحاد الأوروبي ومنتديات التعاون الأورومتوسطية. وسيعقد لهذا الغرض أول مؤتمر أورومتوسطي بشأن الترجمة في مدينة بورتوروز، في سلوفينيا، في 23 حزيران/يونيو المقبل.

إننا نرغب في أن يكون هذا "البيان العام بشأن الترجمة" نداء لحشد الجهود بهمّة ونشاط من أجل وضع سياسة عملية لدعم الترجمة والأعمال الثقافية في منطقة البحر الأبيض المتوسط.

مشاركة